(انْظُر بن عربي عَدو الله كَيفَ لم يقنع بتصريحه)

انْظُر عَدو الله كَيفَ لم يقنع بتصريحه بالوحدة حَتَّى تلعب بِكَلَام الله هَذَا التلعب ثمَّ لم يكفه ذَلِك حَتَّى جزم أَن إفشاء سر الربوبية كفر وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قد أفشى سر الربوبية بِزَعْمِهِ فَيكون وصانه الله كَافِرًا عِنْده لِأَنَّهُ يَنْتَظِم مِنْهُ شكل هَذَا عِيسَى مفش لسر الربوبية وكل مفش لسر الربوبية كَافِر فعيسى كَافِر إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون
أَيهَا النَّاس أفسدت أسماعكم أم عميت قُلُوبكُمْ عَن مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي لَا يلتبس على أدنى متمسك بِنَصِيب من الْعقل والفهم حَتَّى جعلتم هَذَا المخذول من أَوْلِيَاء الله
وَاعْلَم أَنا لم نسْمع بِأحد قبل ابْن عَرَبِيّ بلغ فِي إفشاء هَذَا السِّرّ الَّذِي جعل إفشاءه كفرا مبلغه حَتَّى ألف فِي ذَلِك الْكتب المطولة كالفتوحات والفصوص وسننصفه ونحكم عَلَيْهِ بقوله


فَنَقُول ابْن عَرَبِيّ مفش لهَذَا السِّرّ وكل مفش لهَذَا السِّرّ كَافِر فَابْن عَرَبِيّ كَافِر أما الأولى فَإِن أنكرها فَهَذِهِ كتبه فِي أَيدي النَّاس تكذبه وَأما الثَّانِيَة فَهَذَا نَصه قد أطلعناك عَلَيْهِ
مَا قَالَه ابْن عَرَبِيّ فِي الفتوحات من أَن الْعَذَاب الَّذِي وعد الله بِهِ الْكفَّار من العذوبة وَأَنَّهُمْ منعمون بالنَّار والزمهرير

وَفِي الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من الفتوحات المكية بعد كَلَام طَوِيل

قَالَ فِي آخِره {مَا قلت لَهُم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ} على سَبِيل الِاعْتِذَار لِقَوْمِهِ يَعْنِي أَنْت الْمُرْسل إِلَيْهِم بذلك الْكَلَام أَوله باسم الْأَب وَالأُم وَالِابْن فَلَمَّا بَلغهُمْ كلامك حملوه على مَا ظهر لَهُم من كلامك فَلَا تلمهم على ذَلِك لأَنهم فِيهِ على مَا علمُوا من كلامك فَكَانَ شركهم عين عين التَّوْحِيد لأَنهم فعلوا مَا علمُوا بالإخبار الإلهي فِي أنفسهم فهم كَمثل الْمُجْتَهد الَّذِي اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجر الِاجْتِهَاد انْتهى
انْظُر إِلَى تصويبه لِلنَّصَارَى فِي التَّثْلِيث وإثباته الْأجر أَيْن هُوَ من قَول رَبك جلّ وَعلا {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة}
واختر لنَفسك مَا شِئْت


قَالَ فِي الْبَاب الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ من الفتوحات فِي ذكر أهل النَّار وَقد حقت الْكَلِمَة أَنهم عماد تِلْكَ الدَّار فَجعل الحكم للرحمة الَّتِي وسعت كل شَيْء فَأَعْطَاهُمْ فِي جَهَنَّم نعم المحرور والمقرور لِأَن نعم المقرور بِوُجُود النَّار وَنعم المحرور بِوُجُود الزَّمْهَرِير تبقى جَهَنَّم على صورتهَا ذَات حرور وزمهرير وَيبقى أَهلهَا متنعمين فِيهَا بحرورها وزمهريرها إِلَى آخر كَلَامه


وَقَالَ فِي الْبَاب الرَّابِع وَالْخمسين ومئة إِنَّهُم يتضررون برائحة الْجنَّة ونظم هَذَا الْمَعْنى فِي الفصوص فَقَالَ
(فَإِن دخلُوا دَار الشَّقَاء فَإِنَّهُم … على لَذَّة فِيهَا نعيم مباين)

(نعيم جنان الْخلد فَالْأَمْر وَاحِد … وَبَينهمَا عِنْد التجلي تبَاين)
(يُسمى عذَابا من عذوبة طعمه … وَذَاكَ لَهُ كالقشر والقشر صائن)


فأبشروا يَا أهل النَّعيم بالنعيم الَّذِي بشركم بِهِ هَذَا الْوَلِيّ وَلَا تراعوا من تخويفات الله وَرَسُوله بهَا فَإِن الْأَمر بِالْعَكْسِ على لِسَان ابْن عَرَبِيّ سيدكم وقائدكم
اللَّهُمَّ أسْكنهُ هَذِه الدَّار لينال مَا وَصفه من نعيمها فَإِنَّهُ حقيق بِهِ


وَقَالَ فِي الْبَاب الْعشْرين ومئة عِنْد ذكره لحَدِيث كنت سَمعه وبصره عرف الْحق أَن نَفسه على صفاتهم لَا صفته فَأَنت من حَيْثُ ذاتك عَيْنك الثَّابِتَة الَّتِي اتخذها الله مظْهرا أظهر نَفسه فِيهَا فَإِنَّهُ مَا يرَاهُ مِنْك إِلَّا بَصرك وَهُوَ عين بَصرك فَمَا رَآهُ إِلَّا نَفسه قَالَ وَكَذَا جَمِيع صِفَاته يَعْنِي العَبْد انْتهى
مَا نَقله المقبلي عَن ابْن عَرَبِيّ

وَمن كَلَامه الَّذِي نَقله عَنهُ المقبلي فِي الْعلم الشامخ حِين ذكر عباد الْعجل مَا لَفظه إِن هَارُون جهل حَقِيقَة الْأَمر وَفعل بِهِ مُوسَى مَا فعل لذَلِك قَالَ لِأَن الْعَارِف المكمل يرى كل معبود مجلى للحق قَالَ وَأعظم مجلى عبد فِيهِ وَأَعلاهُ الْهوى كَمَا قَالَ {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم} فَهُوَ أعظم معبود فَإِنَّهُ لَا يعبد شَيْء إِلَّا بِهِ وَلَا يعبد إِلَّا بِذَاتِهِ فَمَا

عبد الله وَلَا غَيره من أَنْوَاع المعبودات إِلَّا بهوى وَالَّذِي عَبده أدنى لكنه يحار لِاتِّحَاد الْهوى بل لأحدية الْهوى فَإِنَّهُ عين وَاحِد فِي كل عَابِد فأضله الله على علم بِأَن كل عَابِد مَا عبد إِلَّا هَوَاهُ وَلَا استعبده إِلَّا هَوَاهُ سَوَاء صَادف الْأَمر الشَّرْعِيّ أَو لم يصادفه وَكلهمْ مجلى للحق وَكلهمْ إِلَه مَعَ اسْمه الْخَاص بِحجر أَو إِنْسَان أَو كَوْكَب أَو ملك أَو فلك ثمَّ مثل عبَادَة الْهوى فِيمَا صَادف حكم الشَّرْع بِالنِّكَاحِ بِأَرْبَع والاستمتاع بالجواري لتَعلق الْهوى بهَا فَيكون من أَمْثِلَة مَا لم يُصَادف الشَّرْع الِاسْتِمْتَاع بِغَيْر من ذكر مَعَ قَوْله إِنَّهَا أعظم الْعِبَادَة وَلَا بَأْس بالتستر بِحكم الْوَقْت انْتهى


وَأَنت لَا يخفى عَلَيْك مثل هَذَا النهيق الَّذِي تتضوع مِنْهُ رَائِحَة الزندقة
وَمن كَلَام المخذول فِي الْكَلِمَة المحمدية أَن الْأَمر بِالْغسْلِ لِأَن الْحق غيور على عَبده أَن يعْتَقد أَنه يلتذ بِغَيْرِهِ فَلهَذَا أحب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء لكَمَال شُهُود الْحق فِيهِنَّ إِذْ لَا يُشَاهد الْحق مُجَردا عَن الْموَاد قَالَ فشهود الْحق فِي النِّسَاء أعظم شُهُود وأكمله وَأعظم الوصلة النِّكَاح قَالَ فَمن جَاءَ لامْرَأَته أَو لأنثى لمُجَرّد الالتذاذ وَلَكِن لَا يدْرِي بِمن كمن قَالَ
(صَحَّ عِنْد النَّاس أَنِّي عاشق … غير أَن لم يعلمُوا عشقي لمن)


فَأحب الْمحل الَّذِي يكون فِيهِ هُوَ الْمَرْأَة لَكِن غَابَ عَنهُ روح الْمَسْأَلَة فَلَو علمهَا لعلم بِمن التذ وَكَانَ كَامِلا
قَالَ وَمن شَاهد الْحق فِي الْمَرْأَة كَانَ شُهُودًا فِي منفعل وَهُوَ أعظم

الشُّهُود وَيكون حبا إلهيا انْتهى
هَذَا نفس خَبِيث لَا يلتبس إِلَّا على بَهِيمَة فتدبره
مَا قَالَه ابْن عَرَبِيّ فِي تصويب قَول فِرْعَوْن أَنا ربكُم الْأَعْلَى

وَقَالَ لَا رَحمَه الله فِي الفصوص من كلمة فِرْعَوْن قَالَ {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} أَي وَإِن الْكل أَرْبَاب بِنِسْبَة فَأَنا الْأَعْلَى مِنْهُم لما أَعْطيته فِي الظَّاهِر من الحكم فِيكُم وَلما علمت السَّحَرَة صدقه فِيمَا قَالَه لم ينكروه وأقروا لَهُ بذلك فَقَالُوا {إِنَّمَا تقضي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا}

فَاقْض مَا أَنْت قَاض فالدولة لَك فصح قَوْله أَنا ربكُم الْأَعْلَى وَإِن كَانَ بِغَيْر الْحق فالصورة لفرعون فَقطع الْأَيْدِي والأرجل وصلب بِغَيْر حق فِي صُورَة بَاطِل انْتهى:

📚كتاب:الصوارم الحداد القاطعة لعلائق أرباب الاتحاد

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ